سورة المعارج - تفسير تفسير التستري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المعارج)


        


{تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً (5) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً (6) وَنَراهُ قَرِيباً (7)}
قوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [4] قال: تعرج الملائكة بأعمال بني آدم والروح وهو دهن النفس، وتعرج إلى اللّه تعالى مشاهدة بالإخلاص في أعماله، فيقطع هذه المسافة إلى العرش التي مقدارها خمسون ألف سنة بطرفة عين، هذا باطن الآية.
قوله تعالى: {فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلًا} [5] أي رضا من غير شكوى، فإن الشكوى بلوى، ودعوى الصبر معه دعوى، وإن للّه تعالى عبادا شكوا به منه إليه حجة تمسك النفس الطبع عن التفات إلى شيء غير الذي من أجله صبر الصابر.
قوله تعالى: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً (6) وَنَراهُ قَرِيباً} [6- 7] قال: يعني أنهم يرون المقضي عليهم من الموت والبعث والحساب بعيدا لبعد آمالهم، ونراه قريبا، فإن كل كائن قريب، والبعيد ما لا يكون. ثم قال: إن العلماء طلبوا الوسوسة في الكتاب والسنة، فلم يجدوا لها أصلا إلا فضول الحلال وفضول الحلال أن يرى العبد وقتا غير وقته الذي هو فيه وهو الأمل. وقد روي عن حبيش عن ابن عباس رضي اللّه عنهما: «أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم كان يريق الماء فيتمسح بالتراب فقلت: يا رسول اللّه إن الماء منك لقريب. فقال: لا أدري لعلي لا أبلغه». وقد قال أسامة: قرباننا إلى شهرين. إن أسامة لطويل الأمل. وسئل سهل: بم ترحل الدنيا من القلب؟ فقال: بقصر الأمل. فقيل: وما قصر الأمل؟ فقال: قطع الهموم بالمضمون، والسكون إلى الضامن.


{إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ (22)}
قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً} [19] قال: يعني متقلبا في حركات الشهوات واتباع الهوى. {إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً} [20- 21] قال: إذا افتقر حزن، وإذا أثرى منع. {إِلَّا الْمُصَلِّينَ} [22] أي العارفين بمقادير الأشياء، فلا يكون لهم بغير اللّه فرح، ولا إلى غيره سكون، ولا من غيره فرح، فراقه جزع، كما قال: {وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ} [27].
وقد حكي عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال: «من خيار أمتي فيما نبأني الملأ الأعلى في الدرجات العلى قوم يضحكون جهرا من سعة رحمة ربهم، ويبكون سرا من خوف شدة عذاب ربهم، ويذكرون ربهم بالغداة والعشي في بيوته الطيبة، ويدعونه بألسنتهم رغبا ورهبا ويسألونه بأيديهم خفضا ورفعا، ويشتاقون إليه بقلوبهم عودا وبدءا، مؤونتهم على الناس خفيفة وعلى أنفسهم ثقيلة، يدبون على الأرض بأقدامهم دبيب النمل بغير فرح ولا بذخ ولا ميل»، الحديث بطوله.


{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (29)}
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ} [29] قال: باطن الآية جميع الجوارح الظاهرة والباطنة يحفظونها عن ظهور آثار نفس الطبع عليها.

1 | 2